((سلسلة حرب النكسة - 1)) كتيبة الدبابات 12 الملكية وسير المعارك في قاطع جنين في حرب 1967
((سلسلة حرب النكسة - 1)) كتيبة الدبابات 12 الملكية وسير المعارك في قاطع جنين في حرب 1967
- يمنع منع منعاً باتاً نقل هذا الموضوع أو أخذه إلى أي موقع الكتروني او وسيلة إعلامية أخرى دون اذن الناشر.
قبل البدء بالموضوع، أود توضيح بعض المصطلحات التي قد تكون غير واضحة كانت تستخدم في الماضي، وهي : (عدد دبابة = طاقم دبابة) / (قنبلة دبابة = قذيفة دبابة) / (فئة = فصيل) / (زعيم = عميد) / (رئيس = نقيب) / (نائب - نقيب = رقيب - رقيب/1) / (رشاش 500 = رشاش M2 Browning .50 Caliber عيار 12.7 ملم) / (رشاش 300 = رشاش M1919 Browning عيار 7.62 ملم) / (قنابل متفجرة = قذائف شديدة الإنفجار HE) / (قنابل فسفورية = قنابل دخانية).البدء بتشكيل كتيبة الدبابات/12 الملكية
- 10 أيلول 1966، كُلِّفَ الرائد الركن صالح عليان أبو الفول بتشكيل كتيبة الدبابات 12 الملكية وتدريبها وتجهيزها واعدادها بأسرع وقت ممكن للقتال، وقد شُكلت الكتيبة على أساس أن تكون كتيبة دروع مستقلة لإسناد الجبهة الغربية خصوصاً على المحاور الرئيسية الصالحة لعبور الدروع عليها، وكانت فرصة تجهيز الكتيبة بالدبابات في ذلك الوقت مواتية عندما تسلح أحد ألوية الدروع القديمة (اللواء المدرع 40) بدبابات من نوع M48 Patton III، فأُعطِيت 44 دبابة من نوع M47M Patton II من دباباته القديمة الى كتيبة الدبابات/12 الملكية.
- 18 أيلول 1966، تم البدء بتجنيد ضباط وضباط صف وأفراد الكتيبة
كان التدريب في وحدات الدروع في ذلك الوقت على قدم وساق بالرغم من توقعات هجمات العدو في العدوان المحلي على القرى الأمامية وكان العمل لتطوير مختلف وحداته وتشكيلاته يسير بإنتظام وجهدٍ عالٍ جداً، وكان ميدان رماية الدروع لا يخلو من الوحدات التي إما تصفر مدافعها أو تتنافس سراياها في مباراة حامية على إصابة الأهداف أو تصنيف الأعداد، وكان من يقترب من ميدان الرماية يُحِس كأن معركة شديدة تجري هناك، وكان ضباط العهدة وأركان الحرب والفنيون دائبي الحركة والنشاط يستلمون التجهيزات والأسلحة والدبابات بيد ويصرفونها أو يبدلونها للوحدات باليد الأخرى.
وكم شكى ضباط الأركان الى القيادة المسؤولة عن تشكيل الكتيبة من إلحاح قائد الكتيبة الجديد وشدة اصراره على الحصول على ما يريد ولم تجد القيادة المسؤولة أمام هذه الشكوى إلا الإصرار على دعم قائد الكتيبة الناشط لتشكيل كتيبة بأسرع وقت ممكن، وبدأت الكتيبة تظهر إلى حيز الوجود تدريجياً وما مضی شهر واحد حتى أصبح الرجال فيها يتحركون هنا وهناك يجهزون دبابات كتيبتهم.
وبدأ ضباط الكتيبة يتكاملون ومعهم وصل ضباط صف قدماء من مختلف وحدات الدروع والجنود منهم القديم الذي قاتل بمدرعته أم رطلين (مارمون هارينغتون Marmon Herington) أيام حرب النكبة عام 1948، ومنهم من نشأ في وحدات السلاح المدرع من طالب حديث الى عدد دبابة، ومنهم شباب لا تتجاوز اعمارهم 17 عاماً.
- 1966، وزاد من حماس قائد الكتيبة زيارة جلالة القائد الأعلى الى الكتيبة بصورة خاصة وتأكيد جلالته الشخصي على أن يتم استعداد الكتيبة لإستلام مواقعها في الضفة الغربية بأسرع وقت ممكن، كان ثأر السموع يغلي في الصدر، صدر الوطن كله، وكان لا بد من وجود عناصر دروع قريبة من مواقع العدوان المحتملة ولتغطية المحاور الخطيرة في نفس الوقت.
وكعادته تحدث الحسين الى جميع رجال الكتيبة بكل صراحة وصدق وأوضح لهم الموقف العام، والموقف الخاص بهم وكان ذلك سبباً في رفع معنوياتهم وازدياد حماسهم.
- يناير 1967، ولم تنقضي 3 أشهر ويبدأ عام 1967 حتى كانت الكتيبة كاملة العدد والعدة والآليات وإلا قسماً كبيراً من تدريبهم قد أُنجز على أعلى مستوى، كان العمل يجري في الكتيبة ليلاً ونهاراً بدون إنقطاع إلا لساعات قليلة من الليل، وكما يقول قائدهم كان يغمى عليهم بدلاً من أن يناموا، ولكن كان لا بد من إنجاز العمل وكان الحماس عظيماً.
كان الرائد صالح عليان أبو الفول يهتم اهتماماً بالغاً بالشباب
من جنود الكتيبة إذ كانوا من المستجدين المتخرجين حديثاً من مركز تدريب الدروع
وكانوا شعلة من الحماس وكان قائد الكتيبة لا يغيب عن حصة من حصص تدريبهم وكان
هدفه أن يتخرج كل واحد منهم من دورة التدريب، سائق، إشارة، مدفعي من الدرجة الأولى، ومع أن الوقت لم يكن كافياً إلا أن إصراره على ذلك وشوق وحماس شباب الكتيبة
المستجدين جعل ذلك الهدف قريب الإحتمال.
وانتقلت الكتيبة من المفرق حيث شكلت الى الصحراء، وعسكرت قرب ميدان رماية الدروع وقضت عدة أيام في الرماية وتصفير المدافع وتضبيط الأسلحة واتمام دورات الرماية المختلفة، وبعد أن أتمت ذلك بنجاح خرجت في مناورة طويلة متواصلة الجهد والعمل المتنوع لمدة 21 يوماً. وكانت اياماً سعيدة قضاها الرجال بعمل شاق وجهد متواصل ولكن متعة الإنجاز والإنتاج الجيد كانت تفوق كل المتاعب والمصاعب، ولم يكن صعباً أن تنجح الكتيبة في الإختبارات والتجارب التي اختبرتها وجربتها، إذ أن جميع ضباطها وضباط صفها كانوا من الرجال المجربين القدماء ما عدا عدد قليل من المرشحين الأحداث الذين استفادوا من تلك المناورة أكبر الفائدة، أما الشباب المستجدين فقد كانت المناورة بالنسبة لهم أول ما ذاقوا من طعم القتال والجهد المتواصل الذي يتطلبه قتال الدروع.
- 27 شباط 1967، تحركت كتيبة الدبابات 12 الى الضفة الغربية، وأصبحت وحدة مستقلة تابعة لشؤون العمليات الى قيادة الجبهة الغربية واحتلت مواقعها في قاطع جنين كقوة احتياطية لذلك القاطع، وبالرغم من أنها كانت تُستدعى أحياناً لإتخاذ مواقع على الخط الأمامي، إلا أنها أمضت معظم الوقت قبل اليوم الثاني من حزيران 1967 في التدريب والتنظيم والعمل المتواصل لإكمال قوة الكتيبة من جميع النواحي، وطبعاً في الكشف والإستطلاع وتحضير المواقع الدفاعية ودراسة الخطط على كل مستوى وإلهام كل فقرة من فقراتها حتى مستوى الجندي.
موقع وطبيعة الأرض والجغرافيا في منطقة جنين
تقع جنين في سهل خصب في الطرف الشمالي الشرقي من مرج بن عامر، ويحيط بها سلسلة جبلية تمتد من الشمال إلى الجنوب، وتنفتح هذه المرتفعات عند مدخل المدينة الشمالية حيث مرج بن عامر، وتضيق عند مدخل المدينة الجنوبي، حتى أن عرض ممرها يحسب بالأمتار.
وهي بلد زراعية تكثر فيها الأشجار والزيتون واللوز وسهولها الأمامية الفسيحة دائماً مزدهرة، يحيط بها عدة قرى أهمها : الجلمة، فقوعة، قباطية، مقيبلة، اليامون، برقين، عرابة، يعبد، الزبابدة.
عدد سكانها لا يتجاوز 45 ألف نسمة، وترتبط جنين بشبكة طرق رئيسية أغلبها معبدة، يصل جنين ببيسان، وآخرها يصلها بحيفا، وهذه الطرق مغلقة بسبب مرورها بخط الهدنة، أما الطرق الأخرى، فأهمها الطريق الذي يصلها بنابلس، والأخرى الذي يصلها بطوباس - عمان، عدا الطرق القديمة الأخرى.
ان موقع جنين مثالي من الناحية العسكرية الدفاعية، وتمتاز بإمكانية اتخاذها قاعدة للإنطلاق لأهداف عسكرية عميقة وتمركز قوات برية مشرفة عسكرياً يجعلها ميدان انطلاق هام. وهي من الناحية الأخرى قاعدة خطرة إذا تمكن العدو من احتلالها والسيطرة على منافذها اذ ان ذلك يسهل عملياته بإتجاه جانبنا كما حصل بالفعل.
الموقف القتالي للطرفين في القاطع الشمالي/3 (جنين)
1) القوات الأردنية :
يحتل لواء المشاة/25 (خالد بن الوليد) منطقة مسؤولية جنين من قرية فقوعة شمالاً حتى قرية باقة وادي النار جنوباً وبشكل دائري، وتبلغ 57 كلم. اللواء وعناصره الملحقة والتحصينات الدفاعية في الأمام وخط الدفاع الرئيسي، يشغل القاطع الدفاعي لمنطقة جنين، ويشمل اللواء :
- كتيبة الدبابات/12 الملكية ناقصة سرية.
- كتيبة المشاة/19 موسى بن نصير.
- كتيبة المشاة/20 طارق بن زياد.
- كتيبة المشاة/21 عقبة بن نافع.
- كتيبة مدفعية ميدان ناقصة بطارية 25 رطل (بطاريتين).
- بطارية مدفعية ثقيلة 155 ملم (من كتيبة المدفعية/6).
- سرية هندسة ميدان.
2) القوات الإسرائيلية :
تشغل قوات العدو المنطقة المواجهة للواء المشاة/25 (خالد بن الوليد) بكتيبة مشاة على طول امتداد منطقة المسؤولية وكانت بقيادة العميد Elad PeledK وهناك معلومات أن منطقة المواجهة فيها ما يلي من القوات :
- طائرات مقاتلة Super Magister و Mirage III/C في مطار مجدو في نفس المنطقة (14 طائرة).
- اللواء المدرع/45 وكان يقوده العقيد Moshe Bar-Kochva (دبابات M48 Patton III).
- اللواء المدرع آلي/37 وكان يقوده العقيد Uri Ram (دبابات Centurion و M50/51 Super Sherman و AMX-13 وعربات M3 Half Truck مشاة وصواريخ مضادة للدروع SS.11).
- لواء مشاة الإحتياط الآلي/9 بقيادة العقيد Aharon Avnon (عربات M3 Half Truck مشاة وصواريخ مضادة للدروع SS.11).
- كتيبة مشاة موزعة.
- كتيبة ناحال (مظليين).
- كتيبة مدفعية ثقيلة.
- كتيبة مدفعية ميدان.
- سرية حرس حدود.
- سرية استطلاع.
- المستعمرات المحصنة والمسلحة.
توزيع كتيبة الدبابات/12 الملكية في القاطع الشمالي/3 قاطع جنين
- 2 حزيران 1967، كانت الصلة بين قائد
لواء المشاة/25 (خالد بن الوليد) العقيد الركن عواد الخالدي وكتيبة الدبابات 12 صلة متينة وكان التعاون بينهما وثيقاً وكذلك كانت الصلة والتعاون بين وحدات اللواء وسرايا الكتيبة وثيقة وقريبة، حيث كانت الكتيبة ملحقة باللواء، وعندما
جاء اليوم الثاني من حزيران أَنذر قائد اللواء العقيد الركن عواد الخالدي جميع وحدات اللواء بخطورة الموقف
واتخذت جميع الوحدات مواقعها الدفاعية في القاطع استعداداً للقتال وانتشرت كتيبة
الدبابات 12 على المواقع الدفاعية التالية : -
- قيادة الكتيبة (1 دبابة القائد M47M Patton II) بقيادة قائد الكتيبة الرائد الركن دروع صالح عليان أبو الفول.
- السرية الإدارية/سرية القيادة (آليات وسيارات وعربات وشاحنات دعم الكتيبة) بقيادة مساعد قائد الكتيبة الرائد دروع محمد سعيد العجلوني والذي أبى لاحقاً الا ان يتركها ويلتحق بالسرية/2، ومعه ركن حرب الكتيبة الملازم زياد عبدالله هلال المعايطة، وتمركزت في الحفيرة.
- السرية/1 (13 دبابة M47M Patton II) اتخذت مواقعها في غور الأردن في التلال غرب جسر داميا مقابل غور بيسان، حيث كانت تساند لواء المشاة/36 (القادسية) والذي كان يمثل جزءاً من قوة الإحتياط للقطاع الشمالي/3 جنين-نابلس.
فئة/1 - بقيادة الملازم/2 سالم ساري العليمات.
فئة/2 - بقيادة الملازم/1 راكان مشاش الخرشة.
فئة/3 - بقيادة المرشح محمد بشارة وضعت بإمرة كتيبة المشاة/19 موسى بن نصير وتمركزت على محور يعبد جنوبي خربة ام الفحم.
فئة/4 - بقيادة المرشح نبيل الرمحي.
- السرية/3 (13 دبابة M47M Patton II) يقودها الرئيس عبد اللطيف علي ابو هلالة كريشان وكان مساعده الملازم/1 عدنان وديع كرادشة، وكانت مسؤوليتها أن تحمي المرتفعات والتلال، تلال برقين وطرفها الشرقي، تل الحاووز، تل خالد، لأنها تحيط بمدينة جنين، وموزعة كما يلي :
فئة/1 - يقودها الملازم/2 شهاب مفضي أبو وندي لكن بسبب وجوده في دورة في مدرسة المشاة، تسلم قيادتها مساعد قائد السرية الملازم/1 عدنان وديع کرادشة في ثل الحاووز شرق مدينة جنين.
فئة/2 - يقودها المرشح عبد الرزاق ابراهيم في تل خالد يسار طريق نابلس - جنين.
فئة/3 - يقودها الملازم/2 عادل شرق دار الحكومة.
فئة/4 - مع قيادة السرية غرب دار الحكومة.
ما قبل بدء الحرب والقتال
- 3/4 حزيران 1967، قضى قائد الكتيبة يومي الثالث والرابع من حزيران يتفقد كل دبابة وكل جندي ويتحدث الى رجاله أينما وجدهم، كان حديثه معهم بسيطاً واضحاً، حيث قال لهم أنه لا يريد أن يذكرهم بعدوهم فهو أمامهم يحتل ارضهم أرض آبائهم وأجدادهم، العدو على ظلم وباطل ونحن على عدل وحق، سنقاتل مع الحق والعدالة، مع الله، وهم سيقاتلون للباطل والظلم.
ولم يعد أمام القائد وجنوده وضباطه إلا الإنتظار وما أصعب الإنتظار، وقضى قائد الكتيبة جل وقته في زيارة رجال الدبابات والتحدث اليهم، وتفقد أسلحتهم ومعداتهم والتدقيق على معرفتهم لواجباتهم وتوصيتهم وحثهم على الصبر والجهاد وكان واثقاً أنهم سيقاتلون قتالاً باسلاً.
كان نشاط العدو في الأيام القليلة التي سبقت الخامس من حزيران واضحاً على طول امتداد الجبهة لقاطع جنين وكان ضباط استخبارات لواء المشاة والدبابات والمواقع الأمامية يسجلون كل حركة للعدو وقد عزز العدو قواته الأمامية في مواقع محصنة ومواقع محفورة وقد سجلت جميع تلك المواقع كأهداف للمدفعية والدبابات.
بات رجال الدبابات
الأمامية تلك الليلة قبل فجر الخامس من حزيران يحلمون بكيفية مشاغلة تلك الأهداف
وتدميرها. قدروا المسافات لها وأجروا تمارين على التحويل من هدف الى هدف
عليها قبل آخر ضوء وأبقوا المدافع مسدده نحو الهام منها تلك الليلة، ولم ينم منهم إلا أقدم الرجال من ضباط الصف الذين جربوا القتال سابقاً، أما الشباب فقد أمضوا
الليلة أو معظمها يستمعون الى قصص القتال مع العدو عام 1948 من ضباط الصف والجنود القدماء.
- في يوم 4 حزيران 1967، سجل الملازم/1 عدنان كرادشة قائد الفئة/1 للسرية/3 أنه شاهد مجموعات كشف في الجلمة وجبل المزار وحتى خربة خروبة وسجل مواقع احتلها العدو أمامه شمال خط الهدنة وقدر المسافات إليها، وقد دلت المعلومات الإستخبارية أن العدو هيأ موقع صواريخ SS.11 ومواقع للدبابات في مواقع مخفورة شاهدها قائد الفئة/1 جنوب الجلمة.
- 5 حزيران 1967 الساعة 4 صباحاً، هبت الكتيبة للإستعداد الصباحي، وجرى التدقيق على كل شؤون
العمليات وبصورة خاصة على الاتصالات السلكية واللاسلكية وبعد أن تأكد قائد
الكتيبة من أن الكتيبة على استعداد للقتال أخذ يستمع الى الإذاعات العربية متوقعاً أن يسمع أنباء هامة وفي الساعات الأولى من الصباح عرف من الإذاعات أن الحرب بدأت
بين الجمهورية العربية المتحدة الشقيقة والعدو، وكان يوم عيد له كما قال.
ولاحظ الفرحة على وجوه رجال قيادته الذين أخذوا يتسابقون إليه ليبلغوه أنهم سمعوا
عن بدء الحرب من الإذاعة.
بدء القتال صباح يوم 5 حزيران 1967
- 5 حزيران 1967 الساعة 10 صباحاً، بدأ قائد لواء المشاة خالد بن الوليد العقيد عواد الخالدي الإتصال على قادة الكتائب وابلاغهم بالبدء بمشاغلة أهداف العدو المسجلة لديهم المقابلة لهم.
- 5 حزيران 1967 الساعة 12:10 صباحاً، اتصل قائد لواء المشاة/25 بقائد كتيبة الدبابات/12 الملكية الرائد صالح أبو الفول وأبلغه أن على مجموعة السرية/3 أن تفتح النار على مراكز العدو المسجلة لديهم مسبقاً، وكان نص المكالمة :
العقيد عواد : ((أريد أن تقوم السرية/3 الآن بإشغال أهدافها بمعدل 10 قنابل متفجرة لكل دبابة وبمجموع 130 قنبلة متفجرة، وأطلعني على تأثير ذلك على العدو، هل استلمت ؟))
الرائد صالح : ((نعم)).
وما أن أنهى كلامه حتى شاهد قائد الكتيبة صالح أبو الفول نيران كتيبة المدفعية/6 الملكية الثقيلة ترمي بدقة متناهية تدك مطار مجدو العسكري والأهداف المواجهة لدبابات السرية/3 في جنين، وهي مستعمرات مقاديشو وادرعه والمستعمرات المجاورة لهم.
كانت أهداف السرية/3 مراكز العدو هي مستعمرة زايد، ومراكز العدو بالقرب من قرية وأحراش مقيبلة وصندلة، ومراكز تحشدات العدو أمام بلدة الجلمة وسلسلة تلال المواجهة أمامها، كانت مراكز العدو محصنة، حيث قسم من جنوده مكشوفين في العراء، وقدرت تلك القوة بكتيبة مشاة، وكان هنالك اسلحة لم تميز، حيث ان مركز العدو كان مخفياً بحفرة عميقة
واتصل قائد الكتيبة الرائد صالح أبو الفول بالرئيس عبد اللطيف كريشان قائد السرية/3 وأبلغه أن يفتح النار على مراكز
العدو المواجهة له ويدمرها، ودب النشاط في أجهزة اللاسلكي وأخذت دبابات السرية ترمي
مواقع العدو بشدة ودقة وبدأت الحرائق تظهر واضحة في مواقع للعدو واستمرت الرماية
ساعتين وشوهدت قوات العدو تنسحب من المواقع الأمامية الى الخلف واستطاعت الدبابات أن تحطم عدداً من آليات العدو خلال هذه العملية ولم تتوقف الرماية حتى أخلى العدو
مراكزه الأمامية بعد أن تكبد عدداً لا يستهان به من الخسائر.
كانت قوة العدو في المنطقة ما بين مقيبلة، صندلة، وسلسلة التلال المواجهة لبلدة الجلمة تقدر بكتيبة مشاة وقد انسحبت من مواقعها على أثر ضغط المدفعية والدبابات الشديد بنار متواصلة لمدة ساعتين تقريباً.
وبالرغم من كل ذلك، لم يبد العدو أي مقاومة، كانت نار المدفعية تتركز بعمق على مواقع العدو الأمامية والخلفية أما الدبابات فقد رمت الأهداف المباشرة التي تقع ضمن مداها، وأبلغ الرائد صالح أبو الفول قائد اللواء بالموقف ونتيجة الرماية، وساد الهدوء واجهة الكتيبة، وبدأت مرحلة جديدة من التوقع بالنسبة لها بالرغم من استمرار نيران المدفعية على مواقع جديدة عميقة للعدو، وأدرك قائد الكتيبة أن معركته مع العدو ستكون طويلة، وهكذا بدأت المعركة الأولية مع العدو.
قتال السرية/2 والرئيس محمد أمين العبادي وقيادة الكتيبة والرائد صالح أبو الفول
ولم يطل الإنتظار طويلاً وبعد ساعة من الهدوء الندي اتصل قائد لواء المشاة/25 وأبلغ قائد الكتيبة الرائد صالح أبو الفول بأن قوة للعدو (وقدرت بكتيبة دبابات) متقدمة من يمين مستعمرة زايد وبين مستعمرة مقاديشو أمام قرية زبوبة وبإتجاه قرية سيلة الحارثية وتعنك وقرية اليامون وكانت أوامر قائد اللواء : ((إياك أن تعطي لقوة العدو مجالاً للوصول إلى جنين ولا تسمح لهم بأي عملية التفاف جانبية وبإستخدام قوة إحتياط الكتيبة وهي السرية/2)) وأن عليه أن يتقدم بها من مواقع الإحتياط الى الأمام واتخاذ مراكز دفاعية لمنع العدو من الإختراق على ذلك المحور بأي ثمن وأن يتمركز إلى غرب جنين.
وقد بين قائد لواء المشاة/25 لقائد كتيبة الدبابات/12 أن هناك سريتي مشاة مع قوة العدو، لكنها لم تلتحق بقوة العدو المكونة من كتيبة دبابات، حتى القيام بالعملية، ولو أنها التحقت بها فلن يكون لها دور بمعركة السرية/2 إلا في العملية التالية.
- 5 حزيران 1967 الساعة 12:30 ظهراً، صدرت الأوامر بالتقدم، وتحركت قيادة الكتيبة ومعها السرية/2 الى منطقة حرش السعادة بإنتشار مناسب، وكانت الخطة أن تصل مجموعة القتال هذه (المكونة من السرية/2 وفئة دبابات مع قيادة الكتيبة) إلى مثلث الشهداء ثم تتعرج إلى قرية برقين سالكة الطريق الترابي الفرعي المؤدي من مثلث الشهداء إلى حرش السعادة واليامون.
يقول قائد الكتيبة الرائد الركن دروع صالح أبو الفول : كان انفتاح هذه المجموعة أثناء تقدمها رائعاً، وكنت أشعر بالسعادة بهذه التشكيلات الممتازة ضمن السرية بين الفئات، انها تشكيلات تعبوية رائعة، وكان استخدام الأرض في تلك اللحظات مدهشاً، على الرغم من أن أغلب المنطقة التي تتقدم عليها مجموعة القتال هذه من الدبابات هي أرض مفتوحة جداً، وكنت بين لحظة وأخرى أختبر الإتصال بيني وبين قائد السرية الرئيس محمد امين العبادي، وكان الاتصال جيداً، كانت تتبع دبابة القيادة التي أقودها سيارة لاسلكي Land Rover "109 للمساعدة في الاتصال الخلفي الخلفي وكان بها العريف/اشارة محمد مفضي والجندي/اشارة حمدي أحمد والجندي/اشارة محمد حمد حمدان. وكانت هذه المجموعة (أي دبابة القيادة M47M و سيارة Land Rover "109) تمثلان قيادة الكتيبة الأمامية.
انحرف تشكيل المجموعة القتالية المدرعة الأردنية بإتجاه برقين من مثلث الشهداء وأصبح قائد الكتيبة بمنتصف الطريق بين مثلث الشهداء وبرقين يمين ويسار الطريق وعند بدء وصول السرية/2 لأحراش برقين وخلال وصول قيادة الكتيبة، وفجأة أغارت عليها 3 مجموعات من الطائرات مكونة من 6 طائرات مقاتلة من طراز Magister، حيث 5 منها كانت تقوم بالقصف على الدبابات في حرش برقين بالصواريخ والقنابل، وواحدة كانت تقوم بقصف مواقع وآليات قيادة الكتيبة بقنابل النابالم الحارقة، حيث كانت الطائرات ترمي في كل غارة صاروخين ورماية الرشاشات، وبالفعل قامت طائرة بقصف دبابة قائد الكتيبة بقنبلة نابالم لكنها أخطأت الهدف، وبدأت الدبابة تحترق واحترقت العاكسات واحترقت قبعة القائد وبعض ملابسه فقفز من دبابته واطفأ نفسه وأخذ يطفيء الدبابة بالتراب، وخرج قائد الكتيبة وطاقم دبابته وسيارة الاتصالات وأخذوا أعداد الرشاش بالرماية على الطائرات بمسدساتهم وبنادقهم ورشاشات 500 ورشاشات 300 وأخذت الدبابات تقاوم الطائرات برشاشاتها وأُسقطت للعدو طائرة وسقطت وهي تحترق إلى الغرب من حرش جنين، واستمرت الغارة حوالي 25 دقيقة وجُرح المرشح نبيل الرمحي قائد الفئة/4 من السرية/2 وأصيب معه 4 جنود.
كما وأصيب الرائد محمد سعيد العجلوني مساعد قائد الكتيبة وقائد سرية القيادة الادارية الذي لم يبق في الخلف كما هو مفروض فيه ولكنه تقدم بسيارته Land Rover مع الدبابات الى الأمام، وبالطرف الغربي اشتعلت 3 دبابات وطائرة تم اسقاطها من احدى الدبابات المشتعلة، حيث لدى وصول الرائد محمد سعيد العجلوني إلى حرش برقين شاهد الدبابات الثلاثة تحترق، فنزل من سيارته وتقدم من أول دبابة تحترق وحاول إخراج أعدادها الجرحى منها، واحترقت يديه ووجنته اليمنى واستطاع أن ينقذ رجالها وأن يضعهم في سيارته ويعود بهم الى مركز إخلاء الخسائر.
وكانت نتيجة هذه الغارة تدمير 3 دبابات من السرية/2، أما دبابة قائد الكتيبة فقد استطاع أن يطفىء النار التي اشتعلت فيها وبقيت صالحة واستطاع استخدامها ولكنها كما قال ظلت حامية كالجمر فترة من الزمن، وطلب قائد الكتيبة الرائد صالح من أركان حرب الكتيبة الملازم/1 زياد عبدالله المعايطة أن يبلغ قائد اللواء العقيد عواد الخالدي عن الغارة، حيث دمر لنا 3 دبابات وحرق بعض اعدادها.
مع أن الغارة كانت مؤثرة جداً ونتج عنها خسائر جسيمة، إلا أنها كانت السوط الذي ألهب حماس أعداد الدبابات، فاندفعوا للقتال وكلهم تصميم على مواجهة العدو وقتاله حتى آخر قطرة من دمائهم، ومع أن السلاح المتوافر لديهم لم يكن تأثيره أكيداً على الطائرات المهاجمة، الا أنهم اقسموا على الثبات.
انضمام السرية/3 والرئيس عبد اللطيف كريشان مع مجموعة قتال السرية/2 وقيادة الكتيبة
واستمرت هذه المجموعة بالتقدم بـ 13 دبابة وتقدمت عبر قرية برقين الى حرش السعادة واتخذت مراكز دفاعية مستورة هناك، وبعد المراقبة السريعة قدّر قائد الكتيبة قوة العدو المتقدمة بلواء مدرع ناقص، وأبلغ الموقف لقائد اللواء وطلب من قائد السرية/3 الرئيس عبد اللطيف كريشان أن يلتحق به حالاً مع فئة دبابات من فئاته ومعه 5 دبابات (1 دبابة قائد السرية + 4 دبابات الفئة)، وفعلاً إلتحق الرئيس كريشان مع فئة دبابات بسرعةٍ فائقةٍ في حرش السعادة، واتخذت موقعاً قريباً من مواقع السرية/2 وأصبح مجموع الدبابات 18 دبابة، وما بين الحرائق في قرية برقين، اتجهت الدبابات بشكل منفرد لتأخذ مواقعها المعينة.
يقول قائد الكتيبة الرائد صالح : ((لأسباب لم أعرفها فقدت الاتصال مع الرئيس محمد أمين العبادي قائد السرية/2، حتى أنني اضطررت للترجل من دبابتي وأن اقابله، وبعدها عاد الاتصال جيداً)).
وقام الرئيس عبد اللطيف كريشان قائد السرية/3 بابلاغ قائد الكتيبة أنه الآن في مركزه وهو يشاهد قوات العدو المدرعة المتقدمة، وانها خارج مدى تأثير دباباته، فأمره قائد الكتيبة بالانتظار ريثما يتم تكامل وصول مجموعة القتال الاردنية المدرعة في المنطقة، وحتى يرى بنفسه قوة العدو.
يقول قائد الكتيبة الرائد صالح : ((وخلال تكامل وصول وتشكيل مجموعة القتال هذه في حرش السعادة واليامون، مررت بصديق لي مسؤول في الجيش، فقال أنها مناسبة جيدة لأصرف لك فيها منظاراً ألمانياً جديداً (Zeiss)، فقلت له انني بحاجة الى 48 منظاراً، لكن ذلك لم يكن ممكناً، وبمنظار صديقي صحت أن قوة العدو ليست كتيبة دبابات كما يقدرون، انها لواء مدرع كامل! والكتيبة المدرعة تشكل جزءاً من الأرض في التقدم فمعروف لي جيداً فهذه القطعات أكثر، "سامح الله عواد الخالدي قلت بيني وبين نفسي" وأبلغت قيادة لواء المشاة بقوة العدو.
وكم من مرة طلبت اسناداً جوياً و مدفعياً لمجموعة القتال المدرعة هذه لكنني لم أسند قطعياً الا في صباح يوم 6 حزيران 1967 ولأسباب عرفتها في حينها؛ حيث أن العدو دمر حتى مراكز المدافع المساندة ونحن في برقين، أما المساندة الجوية فقد تم تدميرها بالكامل بعد ظهر يوم 5 حزيران للأسف. طلائع العدو المتقدمة من عناصره المدرعة كانت صغيرة حتماً وتتبعها الثقيلة، وهذا هو التكتيك الغربي الذي نعرفه)).
كان من المعلوم لقائد الكتيبة أن العدو سيفاجئ برماية مجموعته من حرش السعادة واليامون، لأنه على الرغم من قوة معلوماته عن مراكزنا، فهو لا يتوقع أبدأ أن نقابله في هذه المنطقة، وكان العدو حذراً وبطيئاً في تقدمه.
أصدر قائد الكتيبة الأمر لجميع الدبابات بأن لا تطلق النار إلا بأمره وأوضح ذلك عدة مرات حتى يتأكد من وصول قوة العدو الى مدى الرماية القاتلة، ولما تأكد من ذلك وما ان اصبحت قوة العدو تحت المدى لمؤثر لدباباته الـ 18، وأصدر أمره بفتح النار، وكانت الطلقات الأولى مؤثرة تأثيراً جيداً وأُعطبت للعدو أكثر من 10 دبابات وعدداً قليلاً من الآليات القريبة منها، واستمر الرمي وأُعطب للعدو مزيداً من آلياته، وكانت الصدمة شديدة جداً على العدو وأخذ يتراجع بسرعة للخلف وأخذت حرائق عديدة هنا وهناك متناثرة على أرض المعركة تُخرج دُخان أسود کثیف يرتفع إرتفاعاً شاهقاً وكُلما خرج من وسط الحرائق جنود بعضهم تحترق ملابسهم كانت الرشاشات تعالجهم بشدة.
يقول قائد الكتيبة الرائد صالح عن تلك اللحظة : ((ما ان اصبحت قوات قوة العدو تحت المدى المؤثر لدباباتنا الـ 18 والتي تشكل مجموعة القتال المدرعة بالكامل في تلك المنطقة، حتى ابتسم كل أمارو ومدفعيو الدبابات، لإصاباتهم المباشرة، وليعلم الله انها كانت 18 طلقة اصابة 18 آلية ودبابة، وفوجئ العدو وتوقف وكانت لنا ايضا فرص اخرى بتدمير قواته وضربها، وسرعان ما تراجعت جحافله للوراء)).
قام قائد الكتيبة الرائد صالح بتحذير قادة السرايا، الرئيس عبداللطيف كريشان، والرئيس محمد أمين العبادي أن العدو قد يفكر أن يجرنا إلى الأمام ومن ثم يطبق علينا، فأمرهم بالإنتظار لعله يتوقف، فلم يتوقف، فأصدر أوامره إلى الرئيس عبد اللطيف كريشان أن يتقدم إلى الأمام واجتياز طريق الأسفلت، وعندما تصبح مستعمرة زايد الاسرائيلية على يمينه أن يدمرها بقذائف المتفجر، ثم أصدر أوامره للرئيس محمد أمين العبادي أن يتقدم قليلاً ويتابع العدو جيداً، وكان يظن قائد الكتيبة ان العدو لم يجرهم بعيداً.
أما المجموعة الصغيرة المتبقية، فقد بقيت مع قائد الكتيبة في حرش السعادة واليامون، وبقيت مجموعتا العبادي وكريشان تطاردان فلول العدو حتى تجاوزتا خط الهدنة، فأعطى قائد الكتيبة أمره بالوقوف.
لكن عندما اندفعت مجموعة الرئيس
عبد اللطيف كريشان خلف قوات العدو تطارده وهو يرمي فلولهم مستخدماً الأرض بقفزات قصيرة مستخدماً الرماية بأسلوب النار والحركة والعدو متراجعاً مسرعاً ويوقع فيهم بعض الخسائر، وبلغت المسافة بين قائد الكتيبة وقادة السرايا حوالي 4500 متر تقريباً وحاول قائد الكتيبة إعادة الرئيس عبد اللطيف کریشان لمواقعه ولكنه شاهد الرئيس
محمد أمين العبادي يندفع بمجموعته الى الأمام خلف العدو الهارب وحاول إعادته أيضاً ولكنه
كان مندفعاً بسرعة هائلة، واندفع قائد الكتيبة بمجموعته أيضاً وأخذ يطارد العدو
وكان منظراً هائلاً دباباتنا التي لا يزيد عددها عن سرية دبابات تطارد دبابات
العدو التي يزيد عددها عن كتيبة دبابات وتوقع فيها خسائر متلاحقة.
ویبدو أن قائد الكتيبة توغل كثيراً داخل خط الهدنة إلى حد ما فوجئ بطيران لعدو مرة أخرى وكانت صدمة شديدة جداً وبدأ بطلب المساعدة لكن دون جدوى، لا طيران ولا مدفعية، والموقف كان صعباً!
عندها أدرك قائد الكتيبة الغرض من تراجعهم، فقد خلقوا بين قواتنا وقواتهم فاصلاً وجعلوا قواتنا مكشوفة وواضحة ليعطوا الفرصة للطيران مرة أخرى، كان بالإمكان أن يتحدثوا عن مقدرتهم المدرعة إن كان لهم مقدرة أصلاً، لو اقتصر ذلك على معركة مدرعة شريفة، ولكن من أين لهم ذلك وخسائرهم خلال هذه المعركة فقط 48 دبابة والية وسيارة، وخسائرنا كانت 3 دبابات فقط دمرت بالطيران، الاستخدام الجوي مزعج بحق، نحاول أن نتراجع إلى حرش السعادة واليامون، وهم بطائراتهم يحاولون دون ذلك، فالمدفعي والآمر والسائق والمحمل الذين كانوا الى لحظات يدمرون في الميدان دبابات وآليات العدو، الآن يتدحرجون في التراب لإطفاء النار في اجسامهم، انها حروق النابالم التي ليس لهم حيلة بها.
يبدو أن قائد العدو استنجد بسلاح الجو، وما هي إلا دقائق قليلة من المطاردة حتى حضر سرب من طائرات العدو المقاتلة وكانت من طراز Super Magister و Magister و Mirage III/C وأخذت طائراته تغير على دبابات المجموعات الثلاثة وتوقع فيها الخسائر، إحترقت بعض الدبابات من احتراق النابالم وشاهد قائد الكتيبة جنودها يقفزون منها وهم يحترقون ويحاولون إطفاء أجسامهم بالتدحرج على الأرض ويثبون الى الدبابات التي لم تصاب ويرقدون عليها، وشاهد إحدى الدبابات وهي تحترق ولكن مدفعها يرمي رمياً سريعاً وبقيت كذلك حتى إنفجرت.
- واستمرت المعركة حتى
الساعة 05:30 مساءاً، وتمكن قائد الكتيبة من إعادة دبابته ودبابتين غيرها، وعاد
مع الرئيس عبـد اللطيف کریشان 4 دبابات، وعاد مع الرئيس محمد أمين العبادي 4 دبابات، بمجموع 11 دبابة من أصل 18 دبابة، واتخذت هذه المجموعات مواقع جديدة عند حرش برقين وكانت تحت القصف الجوي
المركز طوال ذلك الوقت، وفي هذه الأثناء كانت قيادة اللواء مصرة على أن تعود مجموعة القتال إلى أحراش برقين.
- الساعة 06:00 مساءاً، وفي الليل عادت مجموعة القتال إلى أحراش برقين، وقام قائد الكتيبة بمحاولة الاتصال بقيادة الكتيبة الخلفية الخلفية ليطلب تزويد الذخيرة والوقود فلم يوفق بذلك برغم قصر المسافة البالغة 8 كم، فقام بالإتصال بسيارة مساعد قائد الكتيبة، وفوجيء بمساعده الرائد محمد سعيد العجلوني يتحدث اليه ووجد أنه لم يدخل المستشفي ليعالج جراحه بل بقي في مثلث الشهداء يعمل على إخلاء الخسائر ويسيطر على قيادة الكتيبة الخلفية وطلب منه التزويد والحضور إليه إن استطاع في حرش برقين، فأجابه الرائد محمد سعيد العجلوني أنه قريب من مثلث الشهداء وبعد قليل سيحضر إليه.
يقول قائد الكتيبة الرائد صالح : ((في هذه الأثناء فاجئني أحد جنودي الأحداث قائلاً : هل هذه حرب يا سيدي؟! فنظرت إليه مذهولاً وقلت : نعم انها حرب، وحرب قذرة، أما ترى اخوانك الشهداء والجرحى؟! نعم هذه هي الحرب! فابتسم وقال : انها مثل مناورتنا! ويقصد التمرين الوحيد الذي طبقته هذه الكتيبة في مناطق التدريب للوحدات شرق الزرقاء، تأثرت كثيراً جداً من سؤال هذا الجندي الحديث وعمره 17 سنة، ما هي الشجاعة التي بين حناياه! في الواقع أنني قبلته وزال عني ذهولي وقلت بيني وبين نفسي ليس غريباً هذا على رجال كتيبة الدبابات/12 جنود الحسين)).
((تبقى لدي 7 دبابات، 3 دبابات معي و4 دبابات مع الرئيس عبد اللطيف كريشان، كان مركز قيادتي في الطرف الجنوبي لقرية برقين وكان على الطريق شجيرات زيتون، طلبت قادة السرايا لاسلكياً وكنت أود عقد اجتماع عاجل لبحث الحالة المؤسفة التي نحن بها، فلم يرد علي الا الرئيس عبد اللطيف كريشان والسبب لم أعرفه للآن)).
وعلى اثر اطلاعي لقائد اللواء على الموقف، فقد أمر أن تعود السرية/2 وجزء من السرية/3 للتمركز في برقين مرة أخرى.
- الساعة 07:00 مساءاً، حضر مساعد قائد الكتيبة الرئيس محمد العجلوني وسأله قائد الكتيبة عن أي نجده وكان يتوقع اللواء المدرع/40، فقال أنه يتوقع وصوله.
- الساعة 07:15 مساءاً، وبينما كان الحديث يجري بين قائد الكتيبة ومساعده، شاهدا مجموعة كبيرة من أضواء الدبابات والآليات خلفهم قادمة من الجهة الغربية لمثلث الشهداء وقادمة نحوهم، فقال قمساعد قائد الكتيبة : ((انظير يا صالح هالأضوية من مثلث الشهداء))، فقال قائد الكتيبة : ((أبشر ربما كان هذا اللواء المدرع/40، يا رجل لدي معلومات أنه بطريقه إلينا))، يقول الرائد صالح : ((وكان الشك يساورني رغم قولي أن هذا هو اللواء المدرع/40 فقد كان طرف هذه القوات الأيمن بالقرب من مثلث الشهداء، وطرفها الآخر منّا إلى جهة الغرب خلف قرية برقين بشكل نصف دائري، والغريب أن جميع الآليات مستعملة الإنارة، ولعلني أرى نور هذه القوات يمين حتى نهاية السهل المتصل بمنطقة يعبد)).
وما أنهى قائد الكتيبة جملته تلك حتى فتحت تلك المجموعة النار بشدة على الموقع الذي كانت تشغله قيادة الكتيبة وفئة السرية/3 والدبابات الـ 7 والموقع الذي كانا فيه قائد الكتيبة ومساعده، كانت الرماية من الدبابات رماية مباشرة وقريبة وأصبحت المسافة بين مواقع دبابات الكتيبة ومواقع العدو حوالي 1000 متر تقريباً، وكانت إصابات العدو مباشرة.
ويذكر قائد الكتيبة ان الجندي/1 المدفعي عبد المجيد ضبعان لزميله العريف راشد سليمان قال على اثر ذلك : ((ول! يخرب بيت هيك لواء أربعين؟ وأي لواء أربعين! هذا العدو.. اذبحوهم))! وأدار مدفع دبابته نحوهم بسرعة ولم تمض ثوانٍ إلا وكان يشاغل تلك المجموعة من الدبابات التي هاجمت دباباتنا من الخلف، وتمكن من إطلاق 3 طلقات دمرت 3 دبابات أخذت تشتعل وتضيء نار حرائقها المنطقة كلها.
يقول قائد الكتيبة : ((كانت رماية العدو قد ملأت المنطقة حيث استخدمت فيها الرشاشات المتوسطة والدبابات (M48) والصواريخ المضادة للدروع SS.11 وكانت اصاباتهم دقيقة على الرغم من أن الوقت ليل والواقع أنه ليس بليل، بالنسبة للعدو، فبالإضافة إلى إنارة الآليات، فقد أطلق العدو طلقات لا يحصى عددها من طلقات الإنارة ذات 3 شعب وكانت تستقيم 15-20 دقيقة وهي بالجو منارة، حتى تكاد تقول أن الليل أصبح نهاراً، وفي هذه الرؤية الجيدة لمدافعهم المباشرة فقد دمروا لنا سيارة land Rover "88 ثم سيارتي Land Rover "109، وفجأة أصيبت دبابتي بقذيفتين في آن واحد وأعتقد انها صواريخ SS.11 واشتعلت بها النار، شعرت بألم جروح في خلف عنقي ورأسي وفمي، ووجد نفسي ملقى من الدبابة على الأرض، كانت دباباتنا الـ 6 ترمي بشكل جنوني، المهم أنها كانت ترمي على آليات ودبابات العدوالمنارة، ثم تفرقت عن مجموعة القتال المتبقية راجلاً دون وعي بسبب اصابتي بين تقاطع رماياتهم وانا محتار كيف وصلوا إلينا! أين جنود المشاة! ووقعت في خندق مسلح كان يفترض أن يكون فيه جنود المشاة خاصتنا لكن لم أجد به أحداً)).
وقد نتج عن هذا الهجوم تدمير دبابة القيادة لقائد الكتيبة، وجزء كبير من دبابات السرية/2، واستمر العدو بالتقدم ليلاً حتى مسحوا قرية برقين، وقام حينها قائد السرية/3 الرئيس عبداللطيف كريشان بتغيير مراكز مجموعته إلى مراكز مسيطرة ومشرفة على سد جنين.
شرح الموقف ووصف المعركة وخطة العدو من قبل قائد الكتيبة عن طريقة اختراق دروع العدو بإتجاه جنين
يقول قائد الكتيبة الرائد صالح أبو الفول بعد الإنسحاب إلى أحراش برقين وذلك قبل اصابته والإشتباك مع العدو الساعة 07:00 مساءاً :
أثناء تراجعنا إلى برقين بفئة القيادة والرئيس عبد اللطيف كريشان بفئة السرية/3 وهي 7 دبابات، على ما يظهر أن قوات العدو تنفست الصعداء فتقدمت بإتجاه واجهة جنين بـ 3 أرتال مدرعة وكان وضعها كالتالي :
1) الرتل/1 يلتف ما بين قرية زبوبة - تعنك - اليامون ليباغتنا من مثلث الشهداء غرب جنين .. كما حدث بالفعل.
- اللواء آلي (دبابات M50 Super Sherman وعربات M3 Half Truck مشاة وصواريخ مضادة للدروع SS.11)، وكانت خطته تقضي بالهجوم على اتجاهين (1 - اليامون - قباطية - جنين) و (2 - أم الفحم - يعبد - عرابة) وتطوير الهجوم والتقدم على محوري (1 - عرابة - سيلة الظهر - دير شرف - نابلس) و (2 - قباطية - طوباس - الجفتلك حتى جسر داميا/الأمير محمد).
2) الرتل/2 المدرع من مراكزه يتجه إلى مركز بوليس جنين وتسلك الطريق الرئيسي المار بمنتصف المدينة ثم الى تل الحاووز ليعمل اتصال مع القوات الأخرى في مثلث الشهداء .. وهذا ما حدث.
- لواء مشاة (عربات M3 Half Truck مشاة وصواريخ مضادة للدروع SS.11)، وكان يساند اللواء الآلي على في الهجوم على جنين على محور جفعات عوز - جنين ويسند اللواء المدرع على محوري طوباس - داميا وطوباس - نابلس.
3) الرتل/3 يمر أمام جنين ما بين جسر خروبة وحتى جلقموس - دير أبو ضعيف - الزبابدة .. وكان ذلك أيضاً.
- اللواء المدرع (دبابات M48 Patton III)، حيث قام بحركة التفاف على محور دير أبو ضعيف - جلقموس - تلفيت - الزبابدة بحيث يتم مهاجمة القوات الأردنية من الخلف وقطع خط مواصلاتهم من جنين ونابلس، وبعد تدميرها يستمر التقدم على محور الزبابدة - طوباس لإحتلال مدينة نابلس من الشرق.
ولا يسعني هنا إلا الإعتراف بأنني فوجئت بأرتالهم، لقد كانوا مصممين على الوصول إلى أهدافهم مهما كان الثمن ومهما غلت التضحيات، وبالرغم من أن الخسائر التي أوقعناها بهم كانت جسيمة جداً إلا أنهم كانوا يعيدون تنظيمهم في كل مرة زيحاولون الإختراق من جديد، وقد فوجئت بهم من الخلف بعد أن قاموا بعملية إلتفاف ضمن مواقع تشغلها قوات عربية! وهذا بنظري يدل دلالة واضحة على تصميمهم الأكيد ومقدرتهم العالية على تحقيق عامل المفاجئة تحت أقسى الظروف.
ومن الناحية الاستراتيجية العسكرية، بهذه العملية الإلتفافية انتهت مدينة جنين ومراكزنا المحيطة بها، الأمر الذي جعلنا نفقد السيطرة نهائياً على الكتيبة ودخلت المعركة بمنحنى أخرى وهو أنها تحولت إلى معركة دبابة واحدة وليست قتال دروع متكاملاً.
تسلم مساعد قائد الكتيبة الرائد محمد سعيد العجلوني القيادة بعد إصابة قائد الكتيبة الرائد صالح أبو الفول
وعرف الرائد محمد سعيد العجلوني أن قائد الكتيبة قد أصيب وتم اخلاءه، واتصل بقيادة السرية/3 واطلع على موقفها ووجدها بحالة جيدة وأنها حتى ذلك الوقت لم تفقد ولا دبابة واحدة مع أنها فقدت عدداً من الشهداء والجرحى واستبشر خيراً وأخذ يحث الضباط والجنود على الصمود والثبات وقتال العدو بكل صبر وشجاعة حتى حضور اللواء المدرع/40.
وتمكن الرائد محمد سعيد العجلوني بعد تدمير مركز قيادة الكتيبة عند افتراقه عن قائد الكتيبة في برقين من الوصول إلى قسم من دبابات السرية/2 التي كانت ما تزال تقاوم في تلال برقين الغربية الجنوبية بقيادة الرئيس محمد أمين العبادي قائد السرية/2 وكان معه كل من الملازم/1 راكان مشاش الخريشا قائد الفئة/2، والملازم/2 سالم ساري العليمات قائد الفئة/1، وإبلاغهم بما حدث مع قائد الكتيبة.
كان إختراق قوة العدو من قرية زايد الى سيلة الحارثية الى اليامون الى كفر قود الى منطقة مثلث الشهداء، ودارت معركة رهيبة بين الدبابات وبدأ العدو المعركة برماية كثيفة من الصواريخ والدبابات والرشاشات وأخذت دباباته تنتشر بقصد الإنفتاح والهجوم، وبدأ يتقدم نحو دباباتنا بالنار والحركة، ووقعت في دباباتنا خسائر جديدة ولم يتبق من المجموعة سوى 6 دبابات : دبابتين 2 مع مساعد قائد الكتيبة الرائد محمد سعيد العجلوني - دبابتين 2 مع الرئيس محمد امين العبادي - دبابة 1 مع الملازم/1 راكان مشاش الخريشا - دبابة 1 مع الملازم/2 سالم ساري العليمات.
- من الساعة 07:00 وحتى 08:30 مساءاً، واستمرت رماية العدو على مجموعة القتال الأردنية في برقين حوالي الساعة والنصف عندما بدأت ثلاث مجموعات من الرشاشات المتوسطة برماية أحزمة الرصاص من مثلث الشهداء بإتجاه الشرق، وعندها أدرك قائد الكتيبة أنهم سيقومون بالهجوم الآن، وكانت رمايات الرشاشات المتوسطة لقطع النجدات من مثلث الشهداء.
يقول قائد الكتيبة : ((من مكاني كنت أراقب تقدمهم على دباباتنا الـ 6 فقلت يجب أن أذهب إلى قيادة كتيبة المشاة عقبة بن نافع/21 لأسأل عن الرئيس عبد اللطيف كريشان ومن جبل برقين الشرقي انحدرت بجنون أفتش عن قيادة الكتيبة/21 فلم أجدها فإذا بي أجد سيارة Land Rover "109 وسيارة Land Rover "88 فقط الأجهزة فيهما شغالة ولا أحد عندهما، قسم من جنطات السيارات متضرراً.
والعدو يتقدم بإستمرار، وكانت مصيبتي أين الرئيس عبداللطيف كريشان ومجموعته ؟! إن المنطقة من مثلث الشهداء حتى قرية يعبد غرباً ومن مثلث الشهداء حتى دير أبو ضعيف شرقاً كلها منارة بمشاعل الإنارة، ولا تسمع غير دوي المدافع وضغط الآليات المدرعة على الأرض، وفتشت على طريق أصل به إلى إلى تل الحاووز فلم أفلح واتجهت إلى مثلث الشهداء وكنت في التل المقابل للمثلث من الجهة الشرقية أبحث عن أي انسان عسكري)).
- الساعة 11:15 ليلاً، سمع قائد الكتيبة دوي المدافع على مثلث الشهداء وكان على التل المقابل لمثلث الشهداء من جهة الشرق، وقد نشبت معركة بين 4 دبابات كان يقودها مساعد قائد الكتيبة الرائد محمد سعيد العجلوني ضد رتل من آليات العدو النصف مجنزرة (حاملة للمشاة وصواريخ مضادة للدروع SS.11)، وكان واضحاً أن هذه الدبابات الـ 6 غير قادرة على التصدي لمجموعة دبابات العدو، وكان مثلث الشهداء بدون حماية كافية، وكخطة لتخليص هذه الدبابات من فتك العدو بها لكثرته، اتخذ الرائد محمد سعيد العجلوني قراراً بأمرٍ إلى جميع الدبابات الـ 6 في عملية ضد مجموعة دروع العدو التي قدر قوتها بلواء مدرع ناقص : ((أوقف الرمي))، وبدون ضوء قام بحركة سريعة الى أحد الأجنحة الخلفية لقوة العدو، ثم أمر بإثارة أضواء الدبابات، ومر دون قتال بين دبابات العدو وهي ترمي على مواقعه السابقة بعد تدميرها، وتمكن من التسلل بينها الى مثلث الشهداء واتخذ موقعاً حوله للدفاع عنه متخذاً من الظلام ستراً مناسباً له، وكان يقصد أن يقوم بالعمل على فك الحصار عن القوات الأردنية والتي كانت من السرية/3 في قرية برقين.
كانت عملية باهرة تحتاج الى هدوء أعصاب وشجاعة فائقة وتصميم عنيد وقد استغل تشابه أنواع دبابات العدو ودباباتنا وهي من نوع M48 Patton III ومرّ بسرعة فائقة لم تترك للعدو فرصة التدقيق عـلى هوية الدبابات بأنوارها المضاءة، لأن قوات العدو الملتحمة في برقين ظنتها بقايا قواته المتقدمة من الخلف، وكان مصيباً في ذلك تماماً وكانت حركة ذكية جداً.
كانت أكبر الأخطاء التي ارتكبها قائد العدو عدم إحتلال مثلث الشهداء بقوة كافية، ولكن مقدرته على القتال الليلي لم تكن على مستوى المعركة وبقي يطارد الهواء في أحراش برقين بحثاً عن الرائد محمد سعيد العجلوني ومجموعة الدبابات الستة.
- الساعة 11:30 ليلاً، كان يخطط الرائد محمد سعيد العجلوني أنه بإستطاعته أن يحاول فك الحصار عن قيادة الكتيبة المدمرة وبقية دبابات السرية/3 ، لكنه ما كان أن يفكر في ذلك حتى أعلمه قائد احدى فئات الدبابات المرشح محمد بشارة، أنه اصطدم مع قوة للعدو متقدمة على الطريق الرئيسي متجهة من يعبد بطريقها إلى برقين، ولسبب لم يعرفه الرائد محمد سعيد العجلوني من الرئيس محمد أمين العبادي على أن القوة المتقدمة على مثلث الشهداء هي قوات عراقية كما تخيل الرئيس العبادي.
ولم يترك الرائد محمد سعيد العجلوني الوقت يذهب سدى، وبسرعة فائقة ركز دباباته حول مثلث الشهداء، وأصدر أمراً بالدفاع لآخر طلقة وآخر رجل وحتى تحضر عناصر اللواء المدرع/40 لإستلام الواجب، وكانت فرصة جيدة أن وجد سيارة ذخيرة قريبة زود منها الدبابات تزويداً جديداً وربض الجميع في مثلث الشهداء بتستر ممتاز حتى لا يكاد يظهر منهم أحد.
لم ينقطع قصف المدفعية المتبادل لحظة واحدة واستمرت الغارات الجوية من قبل طائرات العدو على كل وحدة عسكرية تتحرك في أي مكان من قاطع جنين، وانقلب الوضع الى فوضى عسكرية بين قوات العدو حتى أنها كانت تقاتل بعضها البعض في الليل المدلهم الأعمى، ومع أن طائرات العدو كانت تنير المنطقة من آن الى آخر بقنابل المشاعل وتكاد تقلب الليل نهاراً إلا أن الحالة بقيت غير مفهومة بوضوح.
وقال الرئيس محمد أمين العبادي عند مشاهدة هذا الرتل : ((هذا الجيش العراقي قاد من نابلس)) حيث كان يتوقع ذلك لسماعه محادثة لقائد الكتيبة سمعها عندما مررت له عندما كان يطلب النجدات، وترجل الرئيس محمد أمين من دبابته رغم إلحاح الرائد محمد سعيد العجلوني عليه بأن لا يفعل.
وقال له الرائد محمد سعيد العجلوني : ((دير بالك، النار ولا العار، يا رجل صالح قال قبلك هذا اللواء المدرع/40)).
الرئيس محمد امين العبادي : ((هؤلاء منا يا رجل ، متقدمين من بعيد، خلينا نتأكد أولاً)) وأصرّ على مقابلتهم عند المثلث.
الرائد محمد سعيد العجلوني العجلوني : ((هؤلاء من العدو يا
محمد انتبه)).
الرئيس محمد أمين العبادي : ((انهم صاحب يا أخي)).
الرائد محمد سعيد العجلوني العجلوني: ((الليل ما فيه صاحب دير بالك)).
وأراد الرئيس محمد أمين العبادي أن يتأكد من الرتل قبل أن يفتح النار خوفاً من أن يكون من قواتنا ويقاتل رجالنا بعضهم بعضاً، وقال أنه متقدم الى أول الرتل للتأكد من هويته فإذا كان عدواً فستعرف المجموعة ذلك بسرعة.
واقترب الرئيس محمد أمين العبادي من الرتل الذي أصبح على بعد 100 متر وصاح بأعلى صوته : ((مين هناك؟ الجيش العراقي أنتم؟))، فرد أجد رجال العدو عليه : ((نعم عراقيين، وهل انتم جيش عربي؟)) فأجابه الرئيس محمد امين : ((نعم))، وما إن أدار ظهره حتى أتبعه جنود العدو بصلية طويلة من رشاش 500 أصابت الرئيس محمد أمين العبادي وسقط مصاباً في قدمه اليسرى ويصيح، واستشهد رحمه الله وضحى بحياته في سبيل هدف نبيل، وكم كانت خيبة الأمل مريرة عندما أطلقت هذه القوات (والتي ما تزال عربية بنظر الشهيد محمد أمين العبادي) طلقات رشاشاتها بإتجاهه، وهنا عرفوا حقيقة هذه القوات.
قد يقول البعض أن الشهيد محمد أمين قد اخطأ خطأً جسيماً، نعم ذلك صحيح لو كان في ظروف عادية، لكن في تلك اللحظات كان أفراد الكتيبة يعيشون ويتوقعون وصول النجدات بعد أن أنتظروها طويلاً جداً! والبعض كان يتوقع وصولها في أية لحظة، وبسبب المعلومات التي كانت تمرر لهم عن قرب وصول نجدات عربية، فقد دخل الشهيد محمد العبادي في أمل لدى مشاهدة هذه القوات بأنها عراقية.
قام العدو بالتمويه عليهم، حيث أنه قام بتقديم دبابات تظهر وكأنها عربية كما أنه وضع عليها شعارات عربية زيادة في حرصه على تحقيق عامل المفاجئة الذي حرص عليه طيلة مدة قتاله معنا، وكانت المعركة في تلك اللحظات قد تحولت إلى مستوى الدبابة والموقف حرج لدرجة كبيرة، لذلك سارع الشهيد محمد إلى التحقق من صحة اذا كانت هذه القوات القادمة من نابلس صديقة أم معادية.
وحينها كانت المسافة بين رتل العدو والقوات الأردنية المرابطة في مثلث الشهداء حوالي 50 ياردة عندما توقفت أول آلية من آليات العدو وتجمعت خلفها الآليات الأخرى وكانت فرصة ذهبية، وأمر الرائد محمد سعید العجلوني أن تقوم الدبابات كلها بفتح النار صائحاً : ((إرم))!
كانت المدافع معبأة
والرشاشات مجهزة والأصابع على الزناد وجميع الدبابات الـ 6 مستعدة للرمي وانطلقت
القنابل وأحزمة الرصاص على رتل العدو وبغزارة هائلة وسرعة عالية جداً.
و كان الرائد محمد سعيد العجلوني يصيح
بأعلى صوته : ((اذبحوهم، اخواني عليهم، لا تتركوا أحدا يهرب)) وكان الغضب
لإستشهاد زميله وأخيه الذي يكن له حباً عظيماً يبدو من نبرات صوته وكان الثأر
سريعاً وشافياً للغليل.
صياح جنود العدو يسمع فوق صوت القصف والإنفجارات، شبت الحرائق في آليات العدو وأنارت المنطقة، وكان جنوده يركضون على غير هدىً والى كل جهة وهم يصيحون، ولم يكن ممكناً هذه المرة أن تحضر طائرات العدو وترمي موقع الدبابات الـ 6 لأن الإشتباك قريب جداً ولا يمكن لأية طائرة أن تميز بين جنودنا وجنودهم أو دباباتنا ودباباتهم.
- 6 حزيران 1967 الساعة 04:20 صباحاً، انقلب الحال على مثلث
الشهداء الى جحيم ملتهب وازدادت خسائر العدو، بصورة جعلت أعداد الدبابات يزغردون
ويهزجون من شدة الحماس وبقيت المعركة دائرة بشدة وتزايد حتى الساعة 4 صباحاً.
كان العدو يتقدم بدروعه لإنقاذ رجاله القتلى والجرحى عند المثلث، وفي كل مرة كان يتقدم بها كان يتكبد مزيداً من الخسائر، حاول عدة مرات أن يغير اتجاه هجومه على المثلث وفي كل مرة يجد المقاومة العنيفة وبشدة متناهية، وبين الحين والآخر كان الرائد محمد سعيد العجلوني يسمع أحد اعداد الدبابات يصيح : ((هدف))! ويعني ذلك أن الطلقة التي أطلقها أصابت الهدف إصابة مباشرة واستطاع العدو خلال هذه الهجمات أن يدمر دبابتين من دباباتنا، وبقي من هذه المجموعة الشجاعة 4 دبابات.
ودارت رحى معركة رهيبة على مثلث الشهداء بين هذه المجموعة المؤمنة من رجال دروعنا، وبين المعتدين من رجال دروع العدو، كانت مسافات القتال قريبة جداً، وترجل عدد كبير من مشاة العدو وحاولوا إقتحام المثلث ولكنهم ما كادوا يقتربون من الدبابات حتى فتكت بهم، وتمكن بعضهم من الوصول الى الدبابات بقوة الكثرة، وبرز الملازم/2 سالم ساري العليمات من دبابته واخذ يعالجهم برشاشها بشدة وأصيبت دبابته بقذيفة مقاومة للدبابات.
وخلال القتال حيث كان الملازم/2 سالم ساري العليمات بارزاً من كوة دبابته يرمي برشاش الـ 500 على قوات مشاة العدو، حتى انقض عليه ضابط اسرائيلي برتبة ملازم وتعاركا بالأيدي، وأثناء العراك انطلقت صلية من رشاش Uzi كان يحمله الضابط الاسرائيلي، واستقرت الطلقة في العامود الفقري للملازم سالم ، وسقط الاثنان على الأرض، الضابط الاسرائيلي مخنوقاً ميتاً قتله الملازم سالم، والملازم سالم جريحا في ظهره، وقد تم انقاذ الملازم سالم وأخرجت الطلقة من عموده الفقري بعملية جراحية دقيقة وسلمه الله له الحمد.
وكان الجندي سليمان عليوي سالم المشاقبة ومعه والنائب سليمان سلامة فالح الحنيطي يقذفون العدو بالقنابل اليدوية، عندما تيقنوا أنه لا مجال لإستخدام مدفع الدبابة أو الرشاش، ولم يستطع العدو التخلص منهما إلا أن قام بقذف دبابتهما بقاذف اللهب وأحرقهما فيها واستشهدا فيها رحمهما الله وقد قاتلا بشجاعة فائقة واحتمال منقطع النظير رحمهما الله، وقد دفنا على بعد امتار من دبابتهما في الأرض التي استشهدا في سبيل الدفاع عنها.
كانت جراح الرائد محمد سعيد العجلوني تتطلب دخوله الى المستشفى، ولكنه بقي مع جنوده بالرغم من الحاح الدكتور عبد السلام على إدخاله المستشفى. أصيبت دبابة أخرى وبقيت من المجموعة 3 دبابات معها كمية قليلة جداً من الذخيرة، لا تكاد تكفي لإستمرار دقائق قليلة في القتال.
كانت حصيلة هذه المجموعة الصغيرة المكونة من 6 دبابة فقط، تدمير 18 ناقلة جنود وناقلات صواريخ مضادة للدروع ودبابة، واستشهد من أبطالها وجرح العديد.
- 6 حزيران 1967 الساعة 04:30 صباحاً، وصلت أولى طلائع اللواء المدرع/40 إلى مثلث الشهداء وكانت دبابة M48 من كتيبة الدبابات/4 وكان ينقصها الوقود، وهنا مع وصول النجدة من اللواء المدرع/40 انتهت كتيبة الدبابات/12 الملكية نهاية مشرفة تليق بأبطالها الشجعان، وأخلي كل من مساعد قائد الكتيبة الرائد محمد سعيد العجلوني والملازم/2 سالم ساري العليمات مصابين إلى المستشفى الميداني جرحى.
وللأسف فقد كان وصول النجدة من عناصر اللواء المدرع/40 متأخراً جداً، فقد كان العدو حينها قد اخترق وبشكل كامل من مثلث الشهداء وقد سيطر على عموم مدينة جنين حينها.
قتال السرية/3 والرئيس عبد اللطيف علي كريشان
عاد الرئيس عبد اللطيف كريشان مع مجموعة الفئة التي قاتلت مع قائد الكتيبة والسرية/2 في حرش السعادة الى مواقعها السابقة في تل الحاووز وتل خالد بأعجوبة بالرغم من القصف الجوي الشديد، وكانت السرية/3 قد كبدت العدو خسائر فادحة في ساعات القتال النهاري من الساعة 10:30 صباحاً وحتى حلول الظلام من يوم 5 حزيران 1967.
كان من سرية الرئيس عبد اللطيف كريشان فئتان تتمركز الفئة/1 في تل الحاووز بقيادة الملازم/1 عدنان كرادشة ومعه الملازم/2 شهاب أبو وندي، والفئة/2 تتمركز في تل خالد بقيادة المرشح عبد الرزاق ابراهيم.
ولم يكن حظ الفئة/1 من سرية الرئيس عبداللطيف كريشان أقل من حظ الفئات الأخرى، فقد بدأت القتال معهم في الساعة 10:30 صباحاً بقيادة الملازم/1 عدنان کرادشة (وهو بالأصل مساعد لقائد السرية/3)، وكان يقود الفئة بسبب غياب قائدها الملازم/2 شهاب مفضي أبو وندي الذي كان في دورة في مدرسة المشاة، وكان يساعده في قيادة الفئة النائب زعل سليمان وكلاهما مدرب مدفعية ودروع ومن أقدر الرماة في الدروع الأردنية.
- 5 حزيران 1967 الساعة 10:30 صباحاً، صدر الأمر الى الملازم/1 عدنان كرادشة قائد الفئة/1 من قائد سريته الرئيس عبد اللطيف كريشان بتدمير جميع الأهداف المواجهة لفئته، وكانت منطقة الجلمة غاصةً بقوات العدو خصوصاً موقع الصواريخ الواقع جنوبها وشاغلهم الملازم/1 عدنان برماية غير مباشرة وكانت الإصابات دقيقة بين قوات العدو، وانتقل الى مواقع اخرى وأخذت أعمدة الدخان الأسود تتصاعد من تلك المواقع، وشوهدت حركة العدو الى خلف مواقعه المعروفة، وعززت هذه الرماية برماية المدفعية التي تركزت على الأهداف الواقعة حول الجلمة، وكانت اصابات كثيرة بين قوات العدو ولكنها لم تعرف بدقة.
كانت رماية الدبابات
بقنابل متفجرة وقنابل فسفورية، واشتعلت النيران في الأعشاب اليابسة وبيادر القمح
وزاد ذلك من مشاكل العدو، ثم انتقلت الرماية الى حيث يجتمع العدو من المدفعية
والدبابات وكانت ساعة سعيدة لهذه الفئة التي قاتلت لأول مرة.
وفي هذه الأثناء كانت وحدات السرية/3 في تلال جنين الثلاثة تحاول ايقاف وتدمير كافة قوات العدو المدرعة والمتقدمة إلى مدينة جنين، وتمكنت بالفعل من تدمير طلائع دروع العدو، الأمر الذي أجبره على التوقف والإنتشار.
- 5 حزيران 1967 الساعة 12:40 ظهراً - 03:30 عصراً، بدأت طائرات العدو بغارات جوية شديدة على جميع مواقع دبابات الكتيبة/12 ومواقع المدفعية واخذت الفئة/1 تشاغل الطائرات برشاشاتها وأعداد الرشاشات ظاهرون من الأبراج وتمكنوا من إسقاط طائرة مرت من فوقهم بإنخفاض شديد، وكان ظفرهم هذا سبباً في زيادة قوة روحهم المعنوية.
- 5 حزيران 1967 الساعة 04:00 مساءاً، حضر الملازم/2 شهاب مفضي أبو وندي وقال للملازم/1 عدنان كرادشة : ((كنت في قيادة السرية/3 قبل قليل، ويقول لك الرئيس عبد اللطيف كريشان : ((خذ هذه السيارة والتحق به)) )).
فوجيء الملازم/1 عدنان كرادشة وفكر قليلاً بما ينتظره في قيادة السرية؛ التزويد، الأرزاق، المتفرقة، وبدون قتال .. لقد ذاق حلاوة القتال وشعر أن مركزه هنا مع الجنود الذين قاتل معهم.
فرد الملازم/1 عدنان كرادشة : ((مش رايح))!
الملازم/2 شهاب أبو وندي : ((هذي الفئة
فئتي أنا ولا أستطيع أن أتركهم))!
الملازم/1 عدنان كرادشة : ((لقد وضعني هنا قائد
الكتيبة ويجب أن يعرف أنني هنا أو في أي مكان آخر)).
كانت رماية المدفعية
منصَبَّةً على موقع الفئة/!، وكأن العدو أراد أن يفنيها عن آخرها، وكانت الطائرات لا تزال
مستمرة في الغارات وفي نفس الوقت وقف هذان الضابطان كل واحد منهما يحاول البقاء
في موقع القتال.
وقال الملازم/2 شهاب أبو وندي للملازم/1 عدنان كرادشة : ((اذن اتصل
بقائد السرية لو سمحت)).
وجرى الإتصال سريعاً
وقرر قائد الكتيبة أن يبقى الضابطان مع الفئة وقفز كل منهما الى دبابة فرحين
ببقائها وهما الصديقان الحميان.
لاحظت الفئة/1 غباراً
كثيفاً متقدماً من قرية زايد بإتجاه جنين، ومرر الملازم/1 عدنان كرادشة أنه شاهد رتل دروع
متقدم نحو مواقع السرية/1 وأنه يقدر قوة الرتل بكتيبة دبابات، وركز العدو خلال تلك
الفترة رماية مدفعية شديدة على مواقع دبابات السرية/1، وجرى تنسيق العمل بين دبابات
الفئة/1 ووضح الموقف وانتشرت دروع العدو بين قرية الجلمة وقرية زبوبة وكانت
متقدمة ببطء نحو جنين.
واقتربت دبابات العدو
الى المدى القاتل وفتحت الفئة/1 النار وسجلت في أول 4 طلقات منها 4 إصابات في دبابات العدو بدأت تحترق، ودارت معركة مريرة بين دبابات السرية/2 ودبابات العدو وفوقهم أكثر من 3 أسراب من الطائرات المقاتلة النفاثة تغير بإستمرار على السرية/3 وبصورة خاصة على الفئة/1. واستمرت فئة الحاووز بالرمي الدقيق؛ ((هدف .. هدف .. هدف .. هدف)) وكان إحصاء خسائر العدو صعباً
واستمرت المعركة الى الضوء الأخير، وانسحب العدو وترك خلفه أكثر من 30 آلية من
الدبابات والسيارات، كانت الحرائق تشتعل فيها، وواضح أن العدو يحاول إخلاء خسائره
ولا تمكنه مدفعيتنا من ذلك بسهولة، وكانت هزيمة منكرة لكتيبة من دروع العدو أمام
السرية/3 التي كبدته أكثر من 30 خسارة في دباباته وآلياته أكثرها من
الدبابات.
- 5 حزيران 1967 الساعة 11:00 ليلاً، أُبلغ الملازم/1 عدنان كرادشة أن قائد الكتيبة صالح أبو الفول جرح وأُخلي الى المستشفى وفي ذلك الوقت
حضرت سيارة تزويد الذخيرة وجرى تزويد الدبابات بالذخيرة من جديد، وسأل قائد السرية/3 عن الموقف، وأبلغه أنه لا يوجد بينهم إصابة واحدة، وأن الدبابات الأربعة للفئة
سالمة، وعلموا من قائد السرية/3 أن الموقف معه ايضاً سليم وأنه مسيطر على الموقف
من جهته وأن العدو انسحب وربما يجمع نفسه من جديد وأن عليهم أن يستعدوا.
- حتى الساعة 04:00 صباحاً من يوم 6 حزيران 1967، بقي تبادل القصف المدفعي وغارات العدو الجوية على مواقع السرية/3، وكانت معركة مثلث الشهداء لا تزال على أشدها عندما سأل الملازم/2 شهاب أبو وندي قائد السرية/3 الرئيس عبد اللطيف العبادي عن الموقف خلفهم، فأبلغه أن القتال يدور على مثلث الشهداء، وما أن انتهى هذا الإتصال حتى بدأت معركة مريرة عند مواقع قيادة السرية/3 الى الغرب من جنين، وكان واضحاً أن العدو أعاد الهجوم مرة أخرى على تلك المواقع وبدأ القصف المدفعي المركز مرة أخرى على مواقع للفئة/1.
- وعند الساعة 04:30 صباحاً من يوم 6 حزيران 1967، وأعاد الملازم/2 شهاب أبو وندي الإتصال مرة أخرى مع قائد السرية/3 الرئيس عبد اللطيف كريشان وسأله عن الموقف عنده وكانت، وقال قائد السرية/3 الرئيس عبد اللطيف كريشان : ((القتال الآن يجري على مواقع السرية/3 هنا، قاتلوا حتى آخر رمق، توقعوا أن ينتقل الهجوم إليكم .. اخواني الحسين بناديكم)).
وخلال القتال أُصيبت دبابة الرئيس عبد اللطيف كريشان وأصيب إصابة بالغة مميتة، واستشهد مدفعي دبابته، وقفز ليحتل مكانه، وتصدى لـ 3 دبابات للعدو كانت تتجه إليه، وتمكن من تدمير دبابتين منها، وكان آخر ما نطق به الشهيد البطل : ((حنا فدا الوطن .. عاش المليك)) واستشهد رحمه كما أمر جنوده بأن يقاتلوا حتى آخر رمق وكان في مقدمتهم وكان أول من فعل ما أمرهم به.
وحاول الملازم/2 شهاب أبو وندي أن يتصل به مرة أخرى بعد دقائق قليلة، ولكن قائد السرية/3 الرئيس عبد اللطيف كريشان لم يجب وكان قد استشهد بعد ان دُمرت دبابته، في تل خالد، وأبلغ الملازم/2 شهاب أبو وندي الملازم/1 عدنان كرادشة بذلك، وشاهد الإثنان معاً دباباتنا وعدداً كبيراً من دبابات العدو تحترق في منطقة قتال قيادة السرية/3. واستشهد مع قائد السرية/3،العريف حسين سعد، والعريف كامل كريم، والنائب سليمان سلامة فالح الحنيطي وكان من خيرة ضباط الصف في الكتيبة حيث كان يعمل كوكيل لإحدى السرايا، وعندما بدأ القتال ترك عمله ليقاتل مع الدبابات، واستشهدوا رحمهم الله وهم يقاتلون بدباباتهم قتالاً مريراً وبعد أن دَمروا عدداً كبيراً من دبابات العدو.
- في الصباح يوم 6 حزيران 1967، كانت المنطقة المواجهة لمواقع قيادة السرية/3 وفئتي الدبابات الأخرى 1 و 2 غاصَّةً بالدبابات المحترقة التي يتصاعد منها الدخان وأخذت دبابات العدو تتزود بالذخيرة والوقود، وأثناء تقدم الرتل المعادي الثالث كان أول من شاهده النائب زعل سليمان فلفت نظر قائدة الفئة عدنان وشهاب، وهب النائب زعل واتخذ واجب عدد مدفعي في دبابة الملازم/1 عدنان كرادشة، وأخذ يرمي بدقةٍ متناهيةٍ على دبابات العدو يدمر منها ما يصل الى مدى مدفعه، وكانت هنالك دبابتان من دبابات قيادة السرية/3 والفئتين 1 و 2 الى الغرب من جنين لا تزال تشاغل دبابات العدو وأخذ القتال يشتد على الفئة/1 فئة الحاووز، ودخلت 4 دبابات من دبابات العدو الى جنين ووصلت الى حاجز الاسمنت الذي يمنع العبور الى مثلث الشهداء، وتصدت لها فئة الحاووز ودمرت 2 منها أغلقتا الطريق بالإضافة الى الحواجز.
وكانت الإصابات في قوات العدو سهلة، فدمروا للعدو 26 دبابة امام جنين، وكان أحد ضباط المشاة سيجل العدد على ورقة، وتمكنت الفئة/2 بقيادة المرشح عبد الرزاق ابراهيم من تدمير الرتل الثاني وهو يحتشد بالقرب من خربة بسمة، فإنتشر وولى الأدبار مختفياً خلف قرية مقيبلة وكانت خسائره جسيمة جداً.
- 6 حزيران 1967 الساعة 05:30 صباحاً، كان قد مضى على بدء المعركة 19 ساعة من القتال المتواصل، وحتى ذلك الوقت لم تصب دبابة واحدة من دبابات الفئة/1 الحاووز وبقيت مسيطرة على
الموقف.
- 6 حزيران 1967 الساعة 05:45 تقريباً، أُصيبت دبابة الملازم/2 شهاب أبو وندي إصابة مباشرة من
دبابة إسرائيلية اقتربت من الموقع، وبادر سائقها الى إعادتها الى الخلف ولكنها
انثنت الى الجهة اليمنى، وعادت على جنزير واحد لأن الجنزير الآخر تعطل، وأدار شهاب
مدفع دبابته ودمر الدبابة الاسرائيلية التي أطلقت طلقة أخرى على موقعه السابق.
في ذلك الحين انسحبت الدبابتان اللتان كانتا تقاتلان دفاعاً عن مواقع قيادة السرية/3، الفئة/2 بقيادة المرشح عبد الرزاق ابراهيم والفئة/3 بقيادة الملازم/2 عادل، والتحقتا بالفئة/1 في تل الحاووز وأصبح موجودها من الدبابات 6، كانت الدبابتان بلا ذخيرة فقد أطلق رجالها آخر طلقاتها دفاعاً عن الموقع، تم تزويدهما بالذخيرة واستمرتا بالقتال من موقع الفئة/1 فئة الحاووز.
وهنا جن جنون العدو، وركز هجومه على الفئة/1 في تل الحاووز ومهد لذلك بقصف جوي ومدفعي مركز واصبحت التلة التي تدافع عنها الفئة/1 وكأنها قطعة من الجمر، ورغم ذلك ونظراً لإستمرار حركة الدبابات للأمام والخلف والجوانب بعد كل طلقة، لم يستطع العدو أن يصيب إلا دبابة الملازم/2 شهاب أبو وندي، ورغم ذلك بقي يرمي هو وأعداده رمايه مركزة شديدة.
- 6 حزيران 1967 الساعة 12:30 ظهراً، كان لواء العدو المدرع
قد سيطر على جميع المناطق المحيطة بتلة الحاووز ما عدا مثلث الشهداء، كانت
دروعه منتشرة في كل مكان تقريباً وأخذت ذخيرة الفئة تتناقص بسرعة، وأخذ وقود
الدبابات يخف تدريجياً، وكان لابد للملازم/1 عدنان كرادشة من أن يتخذ قراراً سريعاً اما أن
يبقى في مركزه حتى تنفد ذخيرته وتقع الدبابات بيد العدو بعد أن يبيد رجالها أو
يأسرهم، أو أن يقاتل شاقّاً طريقه وسط دروع العدو ويلتحق باللواء المدرع/40
ويتزود منه بالذخيرة والوقود ويقاتل معه، واتخذ القرار الأخير وأمر بالإنسحاب على
أساس أن يشكل ومعه دبابتين 2 قاعدة إسناد للدبابات الـ 4 الباقية لتخرج من
الموقع.
وفعلا أصدر أوامره وانسحب الى تلة أخرى مشرفة وقاتل منها مشاغلاً دروع العدو، وانسحبت الدبابات الـ 4 وقاتلت شاقة طريقها خارج طوق العدو.
- 6 حزيران 1967 الساعة 01:00 ظهراً، بدأ الملازم/1 عدنان كرادشة ينسحب من موقع التلة الخلفية قاصداً الوصول الى جلقموس ثم الزبابدة الى الكفير وعقابة، واقتفى أثر الدبابات الـ 4 المنسحبة قبله وبقى مستمراً، ولم يكن لديه في الدبابتين سوى 7 طلقات متفجرة وكمية من ذخيرة الرشاشات، وعند تل السبعين تعطلت احدى الدبابات نتيجة للغارات الجوية المستمرة، ونزل الملازم/1 عدنان كرادشة منها ووضع بداخلها كمية من البنزين وألقى داخلها قنبلة يدوية، ولما تأكد من عدم صلاحيتها بأية حال تركها واستمر بالدبابة الأخرى حتى انتهى وقودها وعطلها بنفس الأسلوب وترجل مع جماعته واستمر سيراً على الأقدام حتى التحق بمجموعة من اللواء المدرع/40.
أما الدبابات الـ 4 التي سبقت الملازم/1 عدنان كرادشة، فقد احترقت دبابة الملازم/2 شهاب أبو وندي بعد أن تحركت مسافة 50 متراً تقريباً لأنها كانت معطوبة قبل الإنسحاب، وانتقل أعدادها بعد أن دُمرت بقنبلة
يدوية بداخلها الى دبابة أخرى، واستمرت الـ 3 الباقية متجهة الى جلقموس، وخلال
حركتها أغارت طائرات العدو عليها عدة غارات ولكنها لم تتوقف واستمر رجال الرشاشات
يقاومون الطائرات من أبراج دباباتهم وتمكنوا من اسقاط طائرة والإختفاء قرب الأشجار
الكثيفة في المنطقة، وكانوا ينتهزون فرصة توقف الغارات قليلاً للإستمرار بالحركة.
وقبل وصولهم الى منطقة محاذية لقرية جلقموس، شاهدوا مجموعة من دبابات العدو واشتبكوا معها في قتال مرير وتمكنوا من تدمير عدد من دباباتها واستمرت المعركة نصف ساعة تقريباً، وأمام تصميم هذه المجموعة الباسلة فك العدو الإشتباك وانسحب بإتجاه القرية وبدأت غارات جوية جديدة على هذه الدبابات الـ 3، وبصعوبة شديدة تمكنت من الوصول الى منطقة قريبة من العدو الذي يهاجم الزبابدة، ودارت معركة جديدة مريرة، وانتهت ذخيرة الدبابات نهائياً وانتهى الوقود، وبسرعة عطل رجالها ما استطاعوا تعطيله منها، وترجلوا وانسحبوا سيراً على الاقدام حتى التحقوا بعناصر من اللواء المدرع/40 التي كانت تقاتل أمام الكفير والزبابدة.
لقد واجهت هذه الكتيبة قوات مدرعة تفوقها بنسبة 1-7 ومع ان المعركة لم تكن متكافئة على الإطلاق، إلا أن ما حدث كان أكثر من معركة، وأمكثر من لقاء مع العدو، فقد صنع أفراد هذه الكتيبة ملحمة بطولية خالدة، سالت فيها دمائهم الطاهرة، وروت بها تراب الوطن الحبيب، وفاضت فيها أرواحهم الغالية لتكون الفداء لمقدساتنا وأمتنا، فسطروا بذلك خير مثال للرجال المؤمنين بربهم، المدافعين عن جقهم حتى النصر أو الشهادة.
قتال لواء المشاة/25 خالد بن الوليد
كانت وحدات هذا اللواء في مراكز التصدي كما كان مقرراً، وكانت سرية الدبابات/3 تحتل نفس المراكز التي يشغلها هذا اللواء.
في بداية المعركة بقيت وحدات اللواء في مراكزها اذ أن بداية المعركة كانت لأسلحة الاسناد من مدفعية ودبابات وطيران وأسلحة المشاة ذات المدى المتوسط.
خلال فترة المعركة التي بدأت من الساعة 12:10 يوم 5 حزيران 1967 حتى الـ 24 ساعة القادمة أثبت هذا اللواء مقدرته بصد أي عدوان وكان متحفزاً ومتهيأً لخوض أية معركة على مستوى جندي المشاة، لكن ذلك لم يحصل كون المعركة كانت معركة جوية ومعركة دروع.
قام هذا اللواء بقدر المستطاع بصد الاختراقات ضمن قطاعاته الدفاعية، وكان قتاله مع كتيبة الدبابات/12 يدعوا للتقدير والبطولة.
خسائر كتيبة الدبابات/12 الملكية ووحدات العدو المدرعة بعد المعركة
الأردن : كتيبة الدبابات/12 الملكية ناقصة سرية
فقدت الكتيبة 14 شهيداً منهم 3 من الضباط، وأصيب منها 30 منهم 5 ضباط. وفقدت الكتيبة جميع دباباتها وآلياتها البالغ عددها (61 منها 27 دبابة)، حيث فقدت 26 دبابة و 52 آلية بين تدمير العدو لها واستيلائه عليها، وتبقت دبابة واحدة استطاعت العودة شرق النهر، ودمرت جميع آليات الكتيبة المجنزرة والمدولبة البالغ بإستثناء واحدة، و8 عربات أخرى.
العدو : 3 ألوية (مدرع - آلي - مشاة آلي)
- الرائد الركن دروع صالح عليان أحمد أبو الفول قائد الكتيبة، أصيب بإصابة بليغة بالفك والرأس والظهر، تم اسعافه إلى المستشفى الميداني المتحرك الآلي/5 في بلاطة/نابلس في 5 حزيران 1967 وبقي هناك حتى 9 حزيران 1967، لكن بسبب اصابته البليغة تم ابقاءه لدى اهالي مدينة جنين، وهاجم العدو المستشفى الميداني في نابلس، فأخذه أهالي جنين وكان في عداد المفقودين حتى أن أهله أقاموا له بيت العزاء ولكن تدخلت إرادة الله بأن يتم إنقاذه على يد طبيب من أهالي جنين الذي أسعفه ثم نقله تباعاً وبشكل سري بعيداً عن أعين الاسرائيليين وجواسيسهم الى معسكرات الجيش العربي قرب الشونة الجنوبية على نهر الشريعة في الغور، حيث لم يكن العدو حينها قد نصب أسلاكه الشائكة وزرع الألغام في الغور الفلسطيني.
- الرائد دروع محمد سعيد صالح العجلوني مساعد قائد الكتيبة، أصيب بحروق في بداية المعركة بسبب الغارات الجوية على مواقع الكتيبة، ورفض أن يتم اخلائه إلى المستشفى أو حتى أن يعالج جروحه، وأبى إلا أن يبقى أن يقاتل مع الكتيبة في دباباته ويقود الكتيبة بعد أصابة قائدها إصابة بليغة وبقي يقاتل حتى وصلته النجدة من اللواء المدرع/40 صباح يوم 6 حزيران 1967.
- الشهيد الرئيس محمد أمين عبدالله المناصير العبادي قائد السرية/2، استشهد رحمه الله خلال محاولته التأكد من رتل دروع العدو المتقدمة بأتجاه قواتهم على مثلث الشهداء خوفاً من أن يكونوا قوات عربية عراقية فتقاتل قوات العرب بعضها بعضاً، واستشهد بعد أن صال وجال في ميدان المعركة بشكل مشرف.
- الشهيد الرئيس عبد اللطيف علي أبوهلالة كريشان قائد السرية/3، واستشهد رحمه الله في تل خالد خلال الدفاع عن منطقة مثلث الشهداء برغم اصابتين تعرضه لهما، واستشهد بعد الإستهداف الثالث لدبابته، واستشهد رحمه كما أمر جنوده بأن يقاتلوا حتى آخر رمق وكان في مقدمتهم وكان أول من فعل ما أمرهم به، وكان رحمه الله في تلك الفترة ينتظر مولوده من زوجته، واتصف بالشجاعة والمقدرة على قيادة الرجال في احرج الظروف القتالية، وكان بلا منازع بطل كتيبة الدبابات/12 الملكية.
- الملازم/2 سالم ساري العليمات قائد الفئة/1 في السرية/2، أصيب القتال حيث كان بارزاً من كوة دبابته يرمي برشاش الـ 500 على قوات مشاة العدو، حتى انقض عليه ضابط اسرائيلي برتبة ملازم وتعاركا بالأيدي، وأثناء العراك انطلقت صلية من رشاش Uzi كان يحمله الضابط الاسرائيلي، واستقرت الطلقة في العامود الفقري للملازم سالم، وسقط الاثنان على الأرض، الضابط الاسرائيلي مخنوقاً ميتاً قتله الملازم سالم، والملازم سالم جريحاً في ظهره، ولم يتم اسعافه حتى حضرت النجدة من اللواء المدرع/40 صباح يوم 6 حزيران 1967 وقد تم انقاذه وأُخرجت الطلقة من عموده الفقري بعملية جراحية دقيقة وسلمه الله له المنة والحمد.
- المرشح نبيل الرمحي قائد الفئة/4 في السرية/2، أصيب بقصف الطيران المعادي على دبابات السرية/2 وفئته/4 خلال تقدمهم للتصدي لأحد أرتال العدو الذي حاول الإختراق عند أحراش قرية برقين.
- النائب زعل سليمان مساعد قائد الفئة/1 في السرية/3، كان هذا البطل آمر دبابة ومدفعياً، وكان من أقدر مدربي رماة الدروع في الدروع الأردنية، وكان يقفز من دبابة إلى أخرى صائحاً على مدفعييها في كل مرة : ((خليني أرمي .. أنا شايفها)) فكان يرمي ويدمر دبابات العدو في سهل جنين الأمامي، وأهالي جنين يعرفون تلك الواقعة والمجموعة القتال الأردنية المدرعة وأبطالها الميامين حيث دمرت تلم المجموعة 26 دبابة في تلك المعركة.
- الشهيد النائب سليمان سلامة فالح الحنيطي، وكان آمر دبابة ومدفعي لها، واستشهد في تل خالد، وهو من خيرة ضباط الصف في الكتيبة حيث كان يعمل كوكيل لإحدى السرايا، وعندما بدأ القتال ترك عمله ليقاتل مع الدبابات، واستشهد رحمه الله وهو يقاتل بدباباته مع الشهيد الرئيس عبد اللطيف كريشان قتالاً مريراً وبعد أن دَمر هو وزملائه الشهداء العريف حسين سعد حسين النميرات، والعريف كامل كريم عقيل بني خالد والجندي/2 سليمان عليوي سالم المشاقبة عدداً كبيراً من دبابات العدو.
- الشهيد العريف حسين سعد حسين النميرات، وكان آمر دبابة ومدفعياً لها، واستشهد في تل خالد، مع الرئيس عبد اللطيف كريشان، و النائب سليمان سلامة فالح الحنيطي، والعريف كامل كريم عقيل بني خالد والجندي/2 سليمان عليوي سالم المشاقبة.
- الشهيد العريف كامل كريم عقيل بني خالد، وكان آمر دبابة ومدفعي لها، واستشهد في تل خالد، وكان من خيرة مدربي المدفعية في الكتيبة، وكان أحد 3 أبطال من الكتيبة في دبابتهم المتمركزة في تلال برقين، وكان معه الشهيد الجندي/2 مصطفى محمد مصطفى العبابنة، والشهيد جندي/2 عبد الكريم سليمان سعد بني اسماعيل، وقاتل ثلاثتهم ببسالة متناهية إلى أن نفدت أخر طلقة من دبابتهم، وعندها تسلم الشهيد كامل بني خالد قيادة الدبابة واقتحم بها أقرب دبابة معادية في عملية استشهادية خارقة إن دلت على شيء فهي تدل على الشجاعة النادرة التي تحلى بها أبطالنا، واستطاع أن يلتحم بالدبابة المعادية لتحترق الدبابتان بمن فيهما. وقد قامت صحافة العدو بنشر صورة الالتحام الرهيب تفاخرا بتصميمهم الذي أوصلهم للنصر، وتبياناً للمقاومة القوات العربية التي استطاعوا أن يتغلبوا عليها.
- الشهيد العريف خلف هلال سلامة الربضي، وكان من صنف الإشارة واللاسلكي، واستشهد في تل خالد.
- الشهيد الجندي/1 محمد مرجي سالم الرولة، وكان كاتب السرية/2، واستشهد في تل خالد.
- الشهيد الجندي/2 سليمان عليوي سالم المشاقبة، وكان عدد دبابة، واستشهد في أحراش برقين، وكان هو والشهيد النائب سليمان سلامة فالح الحنيطي يقذفون العدو بالقنابل اليدوية، عندما تيقنوا أنه لا مجال لإستخدام مدفع الدبابة أو الرشاش، ولم يستطع العدو التخلص منهما إلا أن قام بقذف دبابتهما بقاذف اللهب وأحرقهما فيها واستشهدا فيها رحمهما الله وقد قاتلا بشجاعة فائقة واحتمال منقطع النظير رحمهما الله، وقد دفنا على بعد امتار من دبابتهما في الأرض التي استشهدا في سبيل الدفاع عنها.
- الشهيد الجندي/2 عبد الكريم سليمان سعد بني اسماعيل، وكان عدد دبابة ومدفعي، واستشهد في أحراش برقين، وكان في نفس دبابة الشهيدين العريف كامل كريم عقيل بني خالد، والجندي/2 مصطفى محمد مصطفى العبابنة الصوالحة.
- الشهيد الجندي/2 مصطفى محمد مصطفى العبابنة الصوالحة، وكان عدد دبابة واستشهد في أحراش برقين، وكان عمره 17 سنة، وكان في نفس دبابة الشهيدين العريف كامل كريم عقيل بني خالد، والجندي/2 عبد الكريم سليمان سعد بني اسماعيل.
- الشهيد الجندي/2 صبحي سلامة عيد الحوامدة، وكان عدد دبابة، واستشهد في أحراش برقين.
- الشهيد الجندي/2 سهيل زهدي عبدالله المجدوية، وكان عدد دبابة، واستشهد في أحراش برقين.
- الشهيد الجندي/2 خلف جميل فياض العبوس الدعيجة، وكان سائق مساعد قائد الكتيبة، واستشهد في مثلث الشهداء.
- الشهيد الجندي/2 ضيف الله صيتان، من فئة اللاسلكي/51.
المصادر
ملاحظات هامة جداً
- شكر جزيل وجزى الله خير الجزاء، لكل من شارك وساعد وأسهم في اعداد هذا الموضوع ولو بالشيء البسيط
- سنكتب في موضوع آخر عن ردود الفعل والأقوال التي قيلت في هذه الكتيبة وقتالها من أهل المنطقة والعدو وآخرين
- أية معلومات جديدة أو تصحيح للمعلومات الواردة في الموضوع سيتم التعديلها لاحقاً
- يمنع منع منعاً باتاً نقل هذا الموضوع أو أخذه إلى أي موقع الكتروني دون أذن الناشر



















رحم الله الشهداء وجزاك الله خير الجزاء
ردحذفلكن ارجو الايضاح، كيف دخلت دبابات العدو وهي مضاءة وعلى تشكيل رتل، بدون خوض معركة مع القوات الامامية (قوات اللواء مشاة 25)؟
* تعقيب : اظن ان قائد الكتيبة أخطأ بمطاردة الانسحاب المدبر لقوات العدو وخاصة انه جرى بمنطقة سهلية مفتوحة، مع قدرة العدو على التدخل الجوي، حيث انه بذلك خسر ميزته كمدافع محصن.
لأن العدو الاسرائيلي كان يضع في مقدمة الرتل دبابات بطلاء وشعارات وأرقام عربية، بل وحتى طواقم هذه الدبابات الاسرائيلية من أصول عربية أو يتكلمون العربية بطلاقة، لهذا لم ينتبه لهم أحد
حذفأما لواء المشاة/25، اما ان الألوية الاسرائيلية 45 - 37 - 9 خلال التفافها على القوات الأردنية في مثلث الشهداء قد قامت بقتال عناصر لواء المشاة والتدميره والالتفاف على عناصر من كتيبة الدبابات/12، أو ان عناصر اللواء قد أُعيد تنظيمها الى مناطق أخرى أكثر حساسية، أو أنها أخطاء القيادة العربية المشتركة والتي كانت تصدر أوامرها من القاهرة من عبدالحكيم عامر
إضافة إلي ما أوضحه الأخ نشاب فحسب تسلسل الأحداث فإن قائد الكتيبه عاد إلى برقين بعد مطاردة العدو وأنتظر إعادة تزويده بالذخيره ولكن كان الالتفاف للقوات الإسرائيلية من مواقع كان من المفروض أن تكون بها (قوات عربيه) ......
ردحذفويقول قائد الكتيبه "وقد فوجئت بهم من الخلف بعد أن قاموا بعملية إلتفاف ضمن مواقع تشغلها قوات عربية! "
نعم صحيح، والأغلب أنها كانت قوات عراقية، لانه القوات السورية لم تلتزم بإرسال قوات للأردن، والقوات السعودية المتمركزة في السعودية تأخرت حينها
حذف